إذا سألت شخصاً عن الشيء الذي يسبب له خوفاً غير طبيعي لأجابك ربما أنه يخاف من التحدّث أمام العامة أو من الإبر أو الدم أو العناكب أو غيرها. ولكن كثيراً من وسائل الإعلام تعرض حالات لأنواعٍ غريبة من الفوبيا، ومنها الخوف من المهرجين والدمى وأسماك القرش.
تُعرف الفوبيا على أنها خوفٌ زائد وغير منطقي من شيء لا يُسبب عند معظم الناس أي خوف. ويرتبط هذا الخوف عادةً بحادث أو تجربة سابقة أثّرت عميقاً في نفسية الإنسان وشخصيته.
ورغم أن البعض يظن أن الخوف من المهرجين نادرٌ جداً، إلّا أن دراسة حديثة أجرتها جامعة أمريكية أثبتت أن 7.6% من الأمريكيين مصابين بالكولروفوبيا. حيث لا يستطيع المصابون بالخوف من المهرجين المحافظة على هدوئهم في الأماكن التي يتواجد فيها المهرجون، كالسيرك أو المهرجانات والاحتفالات. لذا جمعنا لك في هذه المقالة أسباب هذه الفوبيا وطرقاً تساعدك في التخفيف من هذا الخوف.
أعراض الخوف من المهرجين
يختلف الخوف من المهرجين تماماً عن الخوف الذي نشعر به أثناء مشاهدة فيلم رعب أو مسلسل يحتوي على قاتل يرتدي زي مهرّج. فالخوف الذي يعترينا أثناء مشاهدة فيلم رعب مؤقتٌ وعابر وينتهي بانتهاء مدة الفيلم. بينما يسبب الخوف من المهرجين خوفاً شديداً معيقاً عن ممارسة الحياة الطبيعية وقلقاً وهيجاناً شديدين.
فقد اكتشف الباحثون أن تصوير المهرجين كشخصيات مرعبة وإلباسها أزياءً غريبة غير مريحة في الأماكن التي يفترض أن تكون فيها مصدراً للمتعة ساهم بزيادة معدل حدوث هذا النوع من الخوف.
لم يذكر الكولروفوبيا بعينه ضمن أنماط الفوبيا في دليل الأمراض النفسية DSM-5. إلا أن التصنيف ذكر أن هناك أنواعاً من الفوبيا تجاه أشياء محددة، ومنها الخوف من المهرجين والدمى والخوف من الزواج.
يعد الخوف من المهرجين حالةً مشابهةً لباقي أنواع الفوبيا، وبالتالي فه تسبب نفس الأعراض تماماً ومنها:
- الهلع والقلق
- فرط التعرّق وتعرّق الراحتين
- جفاف الفم
- الرجفان
- الرغبة بالتقيؤ أو الشعور بالغثيان
- صعوبة في التنفس
- تسرع القلب
- الصراخ أو البكاء أو الغضب عند رؤية مصدر الفوبيا (أي المهرج هنا)
ما هي أسباب الخوف من المهرجين
للفوبيا مسببات عديدة أهمها الحوادث المؤلمة أو التجارب السابقة الصادمة، إلا أن هناك حالات من الفوبيا التي لا يمكن فيها تحديد سبب واضح للخوف. وبالنسبة للخوف من المهرجين فإن هناك عدة أسباب ممكنة:
- أفلام الرعب: كما ذكرنا فإن العلماء تمكنوا من إثبات العلاقة بين استخدام المهرجين كشخصيات مرعبة في الأفلام ووسائل الإعلام والكولروفوبيا. حيث أن مشاهدة الكثير من أفلام الرعب الحاوية على المهرجين في مرحلة الطفولة -التي يكون فيه الطفل أكثر تأثراً بهذا النمط من الأفلام- يعد مسؤولاً عن هذا النمط من الخوف. حتى أن مشاهدة فلم رعب واحد كفيلٌ بإحداث صدمة وتجربة تبقى في ذهن الطفل فترة طويلة.
- الحوادث المؤلمة أو التجارب السابقة الصادمة: ومنها التواجد مع مهرج في مكانٍ ما والشعور بالخوف دون التمكن من الهروب من هذا المكان. حيث يمكن أن يسبب ذلك تجربة صادمة تبقى عالقةً في ذهن الشخص وذاكرته، وتتحكّم بتصرفاته بحيث تُجبره على الهروب من أي مكان يتواجد فيه مهرج. ولكن لا يعد هذا السبب الوحيد للكولروفوبيا، فقد يكون الخوف من المهرجين ناتجاً عن تجربة صادمة أخرى، لذلك من المفيد التحدث مع مرشدك النفسي أو مع شخص مقرّب منك لتحديد فيما إذا كان هذا هو السبب فعلاً.
- الفوبيا بالتعلّم: وهي من الأسباب الأقل شيوعاً. فمن الممكن أن يتعلّم الشخص الخوف من المهرجين من شخصٍ مقرب يخاف منهم، أو من شخصية مشهورة صرّحت بخوفها منهم. فمن المعروف أننا نتعلّم الكثير عن الحياة من آبائنا وغيرهم، لذا فإن الطفل قد يتعلّم أن المهرجين مخيفين من أمه. ومن الممكن أيضاً أن وسائل الإعلام والأفلام التي صوّرت المهرجين كشخصيات مخيفة زرعت الخوف منهم في نفوس الأطفال حتى وإن لم يكونوا قد شاهدوا مهرجاً حقيقياً في حياتهم.
كيف يتم تشخيص الفوبيا من المهرجين
تُشخّص معظم أنواع الفوبيا بعد التحدّث مع مرشد أو طبيب نفسي الذي يستعين بمجموعة قواعد وإرشادات ويسألك مجموعة من الأسئلة حتى يشخص الفوبيا ويحدد طريقة العلاج الأنسب لك. ولكن الأمر أعقد قليلاً في الخوف من المهرجين.
بما أن الخوف من المهرجين لم يُدرج بعد كمرض معترف به ضمن دليل DSM-5 فعليك أن تزور مرشداً نفسياً وتناقش معه حالتك وتشرح له تأثير هذا الخوف على حياتك وما ينتابك من أعراض عند رؤية المهرجين من دوخة وصعوبة في التنفس وقلق وغيرها. وبعد أن يتعرّف المعالج النفسي على حالتك وتفاصيلها سيبدأ معك بمجموعة من الخطوات لتخفيف هذا الخوف أو علاجه.
علاج الخوف من المهرجين
تعالج معظم أنواع الفوبيا بمجموعة من الإجراءات التي تتضمن التحدث مع المرشد النفسي وتناول بعض الأدوية وإجراء بعض التمارين في المنزل. ولذا من ضمن العلاجات المتاحة للكولروفوبيا:
جلسات العلاج النفسي
تتضمن هذه الجلسات التحدث مع المرشد أو المعالج النفسي عن أنواع القلق والخوف التي تعاني منها وتفاصيلها. ليقوم المعالج النفسي بدوره بإحدى نوعين من المعالجة النفسية:
- العلاج بالمواجهة أو التعريض: يتم في هذا النوع من المعالجة تعريضك للشيء الذي تخاف منه في بيئة آمنة وهادئة بالتدريج. بحيث يعرض عليك المعالج النفسي في البداية صورة لمهرج ومن ثم مناقشة مشاعرك معه، ومن ثم تُعاد الكرة ولكن بمواقف أكثر حدةً. ليكون الهدف إكسابك الثقة في قدرتك على تَدبر أمر هذا الهلع وتجاوزه.
- العلاج السلوكي المعرفي CBT: تعتمد هذه الطريقة على تغيير الأفكار الخاطئة التي يؤمن بها الشخص والتي تقود لسلوكيات غير طبيعية، كالخوف من المهرجين. يساعدك المرشد النفسي من خلال جلسات الإرشاد النفسي على تنمية معتقدات جديدة سليمة حول النفس وانفعالاتها. بحيث يكون الهدف النهائي تغيير مشاعرك تجاه المهرجين وتحييدها.
الأدوية
تستخدم الأدوية دوماً جنباً إلى جنب مع المعالجة النفسية وجلسات الإرشاد النفسي. وتتضمن هذه الأدوية:
- حاصرات بيتا: وهي أدوية تستخدم أيضاً في ارتفاع الضغط الشرياني. تعمل حاصرات بيتا على تهدئة قلبك وإبطاء معدل ضرباته، وهذا من شأنه أن يهدئك ويخفف من قلقك وخوفك.
- المهدئات: وهي من الأدوية ذات التأثير المزيل للقلق أيضاً. لكن المهدئات أقوى من غيرها ويمكن أن تسبب الاعتماد عليها، لذا فإنها لا تستخدم إلا بعد تجريب وسائل العلاج والأدوية الأخرى.
التمارين المنزلية
- جلسات التركيز الكامل: وهي تقنية شبيهة بالتأمل تساعدك على تركيز كامل اهتمامك باللحظة الحالية وإبعاد كل التجارب السابقة المؤلمة عن ذهنك وتفكيرك. تعتمد هذه التقنية على أن الخوف من المهرجين يكون ناتجاً عن تجربة سابقة مؤلمة، وهنا يمكن لحصر تفكيرك في اللحظة الحالية أن يخفف من خوفك هذا.
- تقنيات الاسترخاء: ومنها ممارسة التأمل لعدة دقائق يومياً، أو ممارسة اليوجا أو كتابة المذكرات.
إيجاد شخص داعم
- يمكنك البحث في الفيسبوك عن مجموعات دعم يتجمّع فيها من يشاركك هذا النوع من الفوبيا.
- ويمكنك أيضاً الاتصال بمرشد أو معالج أو طبيب نفسي.
- وأخيراً يمكنك التحدث مع صديق أو شخص مقرّب. إذ أن مشاركة قصتك مع شخص داعم يمكن أن يقلل من شعورك بالخجل من هذا الخوف وبالتالي يقلل من شعورك بالعزلة.
تذكّر أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يخافون من أشياء لا تبدو مخيفة بالنسبة للآخرين، ومن هذه الأشياء المهرجين. ولا يعد هذا النوع من الفوبيا نادراً، إذ أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من هذا الخوف. والذي يمكن تخفيفه وعلاجه بالعلاج النفسي والأدوية وتمارين الاسترخاء المنزلية.
بعض الأسئلة الشائعة عن الخوف من المهرجين
وجدت إحدى الدراسات أن بعض الأطفال (ومعظمهم من الإناث) أُصيبوا بالخوف من المهرجين بعد استخدامهم في المشافي لتسلية الأطفال، إلا أن دراسات أخرى وجدت عكس ذلك.
لا، فقد وصل الخوف من المهرجين ذروته في عام 1980 بعد أن صوّرت الكثير من الصحف ووسائل التسلية المنتشرة حينها المهرجين على أنهم شخصيات مخيفة.
وسوم المقالة