رغم أنهما قد يبدوان مرضين مختلفين تماماً عن بعضهما البعض، إلّا أنّه من الشائع جداً أن تترافق الإصابة بنوبة الهلع وغيرها من اضطرابات القلق والقولون العصبي. وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو سيئاً، إلا أن استراتيجيّة علاج هذين المرضين متشابهة كثيراً. كما أن الالتزام بتعليمات الوقاية من القولون العصبي يقي أيضاً من نوبات الهلع، والعكس صحيح. وبمجرّد فهمك للقواسم المشتركة بين هذين المرضين وتعلّم طرق الوقاية منهما، ستكون قادراً على التعامل معهما وضبطهما معاً في نفس الوقت.
ما هي العلاقة بين نوبة الهلع والقولون العصبي؟
يُعتقد أن كلا المرضين ينتجان -ولو جزئياً- عن اضطراب في وظيفة الجهاز العصبي المركزي واستجابته للضغوطات والتوتر النفسي، الاستجابة التي تُدعى أحياناً بـ”المواجهة أو الهرب”. ويدعم هذه الفرضية الأعراض المشتركة بين المرضين التي يتواسطها هذا الجهاز.
ففي نوبة الهلع يتصرّف الجسم وكأنّه معرّض لخطر جسيم، رغم أنه ليس كذلك. وكذلك الأمر في القولون العصبي حيث تكون الأمعاء مفرطة الهيوجيّة والحساسية، ولذلك يدعى المرض أيضاً بـ”متلازمة الأمعاء الهيوجة”.
يصيب القولون العصبي 10-15% من البالغين، بينما يصيب اضطراب الهلع 2.7% منهم. وقد ذكرت الدراسات أن المرضى المصابين بنوبات الهلع أو اضطرابات المزاج يمتلكون احتمالاً أعلى للإصابة بالقولون العصبي.
هناك أدلة تشير إلى أن بعض الأطعمة وبعض أنماط الحياة تُحرّض حدوث القولون العصبي ونوبات الهلع معاً، وتتضمن تناول القهوة والكحول والسكر. كما تسوء أعراض هذين المرضين بالتوتر والضغط النفسي والإجهاد المزمن والتفكير السلبي.
ما هي الأعراض المشتركة بين نوبة الهلع والقولون العصبي؟
تتضمن أعراض المرضين:
أعراض اضطراب الهلع | أعراض القولون العصبي | الأعراض المشتركة |
الألم الصدري | الألم البطني الماغص | الشعور بخفقان القلب |
حدوث نوبات قلق بشكل متكرر | تكرر نوبات الألم البطني التشنجي | التعرّق الشديد |
الخوف من الموت | النفخة وتزايد الغازات | الارتعاش والرجفان |
تنميل أو خدر الأطراف | الإمساك أو الإسهال | صعوبة في التنفّس |
نوب من فرط التهوية | تغيّر في عادات التغوّط | الدوخة وخفّة الرأس |
رغبة ملحّة بالذهاب إلى المرحاض | الشعور الغثيان |
يشترك المرضان أيضاً في القلق الذي يشعر به المريض من وقوع نوبات مشابهة من القلق أو القولون العصبي في المستقبل، وفي تصرّفات التجنّب التي يقوم بها. فالمريض المصاب باضطراب الهلع يتجنّب الأشياء التي تسبب له القلق، ومريض القولون العصبي يتجنّب الأطعمة التي تسبب له الألم البطني.
خيارات العلاج لنوبة الهلع والقولون العصبي
لا يوجد علاجٌ شافٍ من اضطراب الهلع ولا من القولون العصبي لحد الآن، إلا أن هناك وسائل لتدبير هاتين الحالتين وتخفيف أعراضهما، ومنها:
1- تعلّم الاسترخاء وتقنياته ضروري جداً
إذا كنت تعاني من اضطراب القلق والقولون العصبي فستستفيد كثيراً من تعلّم تمارين الاسترخاء. تساعدك هذه التمارين في تطوير مهارات تهدئة جسدك وتقليل التوتر النفسي لتتمكّن من التحكّم بجسدك عند التعرّض لنوبة الهلع أو نوبة القولون العصبي.
بل أن ممارسة هذه التمارين بانتظام يساهم برفع عتبة القلق ومقاومة التوتر النفسي، والذي سيقلل بدوره من احتمال حدوث هاتين النوبتين.
2- تعلّم كيف تتنفّس ببطء
تساعدك تمارين التنفّس على التحكّم بعضلة الحجاب الحاجز لتتنفّس ببطء وعمق، الأمر الذي يرسل رسالة إلى جسدك مفادها أنه لا يوجد تهديد حقيقي لك. وهذا يساعد في ضبط التوتر النفسي والتحكّم بالأعراض الهضمية والنفسية المترافقة مع هذين المرضين.
لممارسة تمارين التنفّس البطيء اتبع الخطوات التالية:
- ضع يديك على بطنك وتنفّس ببطء وعمق.
- ركّز أثناء الشهيق في بطنك على أنّه بالون ينتفخ بالهواء.
- وركّز أيضاً أثناء الزفير على بطنك باعتباره بالون يتفرّغ من الهواء.
3- أرخِ عضلاتك
تتقلّص عضلاتك وتتوتّر كاستجابة للقلق والضغط النفسي. لذلك فإن تعلّم كيفية استرخاء هذه العضلات سيساعدك في التحكّم بهذا التوتّر ووتهدئة جسدك.
تتضمن تعليمات تمارين استرخاء العضلات:
- اجلس أو استلقِ في مكان هادئ.
- ركّز على إراحة وإرخاء مجموعة من عضلاتك في المرّة الواحدة. ابدأ مثلاً بعضلات وجهك ومن ثم انتقل لرقبتك وكتفك، وهكذا حتى تصل إلى إرخاء عضلات قدميك.
- يمكنك القيام بذلك عن طريق تقليص هذه المجموعة العضلية التي تركّز عليها وشدّها قدر الإمكان، ومن ثم إرخائها وإراحتها.
4- أرح ذهنك
من المفيد أن تريح ذهنك وعقلك أثناء القيام بتمارين الاسترخاء وإرخاء العضلات. من الطرق التي يمكنك استخدامها لذلك:
- التكلّم مع نفسك وتهدئتها (التأكيدات الإيجابية): ذكّر نفسك متكلّماً بصوت مرتفع مع نفسك أنه لا يوجد داعٍ للقلق وأن أعراضك ستزول بعد برهة.
- استخدم التخيّلات الإيجابية: أغمض عينيك وتخيّل أنك في مكان هادئ أو أنك أجريت مقابلة عملك بأفضل ما يكون وحصلت على تقدير واحترام مرؤوسيك.
- التخيّل الإرشادي: ارسم صورة في مخيّلتك عن الموقف الذي يسبب لك التوتّر، ومن ثم تخيّل أن هذا الموقف قد تغيّر إلى شيء يسبب لك الراحة والاطمئنان بدلاً من القلق.
5- استخدم الحرارة لتهدئتك
يمكن أن يكون الشعور بالدفئ في البطن مهدّئاً للغاية، يمكنك استخدام كيس الماء الساخن لذلك أو غيره من وسائل التدفئة. تساعد الحرارة على إرخاء العضلات وتهدئة الأعصاب في البطن والجهاز الهضمي، كما تساعد أيضاً على تخفيف التوتر النفسي.
6- تحدّث مع الآخرين واطلب الدعم منهم أو اسأل مختصاً
يمكن أن يساعدك الآخرون في إيجاد طرق أخرى مناسبة لك لتخفيف قلقك. ويمكن أن يكون التحدّث مع شخص داعم بحد ذاته مريحاً نفسياً.
يمكنك أيضاً أن تطلب المساعدة من المعالج النفسي. والذي بدوره يمكن أن يساعدك من خلال المعالجة السلوكية المعرفية CBT. تعتمد هذه الطريقة في العلاج النفسي على حذف الأفكار السلبية التي تسبب القلق وتعلّم طرق تفكير أخرى تؤدي إلى سلوكيات إيجابية. حيد وجدت الدراسات أن العلاج السلوكي المعرفي مفيدٌ لكل من نوبات الهلع ونوبات القولون العصبي. لذا -وسواءً كنت تعاني من نوب الهلع أو القولون العصبي أو كليهما- فإن تعلّم تقنيات العلاج السلوكي المعرفي بمساعدة المرشد النفسي سيساعدك كثيراً في ضبط أعراضك والتحكّم بحالتك النفسية.
يمكن للطبيب أيضاً أن يساعدك في علاج بعض الحالات التي ترافق هذين المرضين كالاكتئاب على سبيل المثال.
7- استخدام الأدوية بعد استشارة الطبيب
تفيد مثبطات مستقبلات السيروتونين الانتقائية SSRI (وهي من مضادات الاكتئاب والقلق) في تخفيف أعراض كل من الاضطراب الهلعي والقولون العصبي.
توجد بعض الأدوية التي تستخدم لنوبات الهلع والتي تزيد من شدّة أعراض القولون العصبي، لذلك من الضروري استشارة الطبيب وإخباره بالحالات المرضية المرافقة.
من الأدوية المستخدمة في القولون العصبي تلك الحاوية على حمض الساليسيليك والأعشاب المهدّئة للجهاز الهضمي، والتي يمكن استخدامها فقط بعض استشارة الطبيب.
8- قلل من استهلاك الكافيين
تحفّز المشاريب الحاوية على الكافيين (كالقهوة والشاي والمشاريب الغازية) إطلاق الأدرينالين من الجهاز العصبي، والذي يؤدي بدوره إلى الخفقان والتعرّق وغيرها من الأعراض التي تترافق مع نوبات الهلع وتزيد من شدّتها. كما أن الكافيين يسبب تهيّجاً في الأمعاء والقولون بشكل مباشر. لذلك من المفيد تجنّبه، أو حتى الإقلال من شرب المشاريب الحاوية عليه، أو شرب المشاريب البديلة كشاي الأعشاب
كثيراً ما تؤثر أعراض القولون العصبي سلباً على نوعية الحياة. وقد يواجه المريض مصاعب جمّة في ضبط نوبات الهلع والقولون العصبي عند الإصابة بهما معاً. وهنا يبرز دور استشارة الطبيب والمرشد النفسي المتخصص في تخفيف قلقك وتدريبك على التحكّم بأفكارك ومشاعرك وانفعالاتك وسلوكيّاتك. الأمر الذي ينعكس إيجاباً على كلا هاتين الحالتين.
تعرّف على طرق أخرى لتهدئة نفسك عندما تشعر بالتوتر هنا.
واقرأ أيضاً: كيف تسيطر على التوتر والقلق الناتج عن سماع الأخبار السيئة؟
المصدر: VerywellMind
وسوم المقالة