يعد الاكتئاب أشيع أعراض التصلب اللويحي النفسية، والتي تُصيب 60% من المرضى المصابين بهذا المرض العُضال. وقد تحدث هذه الأعراض دون وجود أي أعراض جسدية.
وعلى الرغم من أن أعراض التصلب اللويحي النفسية هذه تؤثر بشكل ملحوظ على نوعيّة حياة المريض، إلا أن الناس يميلون عموماً للاهتمام بأعراضه الجسدية.
لذا سنركّز في هذه المقالة على أعراض وأمراض التصلب اللويحي النفسية وطرق كشفها وعلاجها.
الاكتئاب (الإصابة بالاضطراب الاكتئابي الكبير)
هو أشيع عرض نفسي من أعراض التصلب اللويحي. حيث يصيب 25-50% من المصابين بهذا المرض، أي أكثر بـ2-5 ضعف من الأشخاص الطبيعيين. قد يكون الاكتئاب ناتجاً عن اليأس الذي يترافق مع الإصابة بمرض عُضال، أو قد يكون ناتجاً عن التصلب اللويحي بشكل مباشر، وقد تلعب الأدوية المستخدمة في علاج هذا المرض (وخاصة الستيروئيدات) دوراً في إحداث الاكتئاب.
ما هي أعراضه؟
كثيراً ما تتداخل أعراض التصلب اللويحي بالاكتئاب، ولذلك فقد يكون تشخيصه صعباً عندهم. وتشمل أعراض الاكتئاب كلاً من التعب ونقص الشهيّة وقلّة التركيز وضعف الذاكرة والأرق أو كثرة النوم. ولكن على الأغلب لن تشعر بواحدٍ من هؤلاء، بل ستشعر بـ:
- اليأس والإحباط والتشاؤم
- فقدان المتعة في القيام بالنشاطات المتنوّعة
- الشعور بالاكتئاب صباحاً وبشكل أقل ليلاً
- قلة الإنتاجيّة
- التفكير بالانتحار
ومن غير الشائع أن تعاني من ضعف تقدير الذات والانسحاب الاجتماعي واللامبالاة ومشاعر الذنب، فهي أعراض شديدة نادرة.
وقد وجدت إحدى الدراسات أن 28.6% من المصابين بالتصلّب اللويحي فكّروا بالانتحار مرة على الأقل في حياتهم، وأن 6.4% ارتكبوا الانتحار فعلاً. وذكرت أن هؤلاء كانوا يعانون من اكتئاب شديد أو أنّهم أدمنوا شرب الكحول أو انعزلوا عن محيطهم الاجتماعي.
كيف يمكن كشفه وتشخيصه؟
اسأل نفسك السؤالين التاليين:
- هل شعرت خلال الأسبوعين الماضيين باليأس أو الإحباط أو الاكتئاب؟
- أو هل قلَّ اهتمامك بأمورٍ كنت تهتم بها في السابق؟ أو لم تستمتع بفعلها كما كنت في الماضي؟
إذا كانت إجابتك “نعم” على واحد من هذين السؤالين على الأقل، فقد تكون مصاباً بالاكتئاب.
هناك اختبارات تفصيلية لكشف الاكتئاب وتقدير شدّته ومنها اختبار Beck Depression Inventory.
من الضروري التمييز بين الإحباط الذي نشعر به كلنا لفترة قصيرة لا تتجاوز بضعة أيام، وبين مرض الاكتئاب الذي يدوم أسبوعين على الأقل. كما أن مرض الاكتئاب كثيراً ما يحدث بدون سبب واضح، بينما يحدث الحزن كاستجابة لفقدان قريبٍ أو تدهور حالة المرض مثلاً.
كيف يمكن علاجه وضبطه؟
كما ذكرنا فإن أعراض التصلب اللويحي النفسية تلعب دوراً هاماً في نوعية حياة المريض، وبالتالي قد تؤثر على صحته الجسدية. لذا من الضروري أن تعالجها. ولحسن الحظ فإن الاكتئاب في التصلب اللويحي يمكن علاجه سواءً بالعلاج النفسي أو الدوائي أو حتى بتطبيق بعض التعليمات ومنها:
- مارس التمارين الرياضية بشكل يومي
- حاول تقليل التوتر والضغوط النفسية اليومية، وخاصة تلك الناتجة عن سماع الأخبار. ومارس اليوجا والتأمل وتمارين التنفّس.
- كن واضحاً بخصوص مشاعرك واعترف بها وبأهميّتها. يمكنك أن تسجّل مشاعرك على دفتر صغير مع الأشياء التي تزيد من توترك لتتجنّبها.
- حافظ على علاقاتك الاجتماعية الداعمة كالعائلة والأصدقاء، أو انضم لمجموعات الدعم.
- تجنّب شرب الكحول والمواد الضارّة.
أخيراً يمكنك الاتصال بطبيبك وإعلامه بأعراضك إن كانت متوسطة الشدّة أو شديدة. قد يصف لك الطبيب أدوية لعلاج اكتئابك أو ينصحك بالعلاج النفسي مع مرشد نفسي متخصص.
القلق
تُشير الدراسات إلى أن 36% من المصابين بالتصلب اللويحي سيعانون من أحد أشكال القلق. وقد لوحظ أن معظم هؤلاء من النساء. كما يزيد شرب الكحول والإصابة بالاكتئاب والتعرّض للضغوط النفسية من احتمال الإصابة باضطرابات القلق.
تعد حالة الغموض والخوف من المستقبل التي يعيشها المصاب بالتصلب اللويحي أكثر سبب إحداثاً للقلق والتوتر. كما قد تساهم حالة العجز وتغيّر صفات المرض المستمر في زيادة هذا الشعور بالتوتر والغضب.
تتضمن الأعراض عموماً القلق والضيق والغضب والإحباط، ولكن يمكن أن يحدث أي من الاضطرابات التالية:
تلعب الأدوية دوراً هاماً في علاج القلق، كما يعد العلاج النفسي (بالعلاج السلوكي المعرفي CBT) مفيداً جداً في علاج القلق. ويبقى تخفيف التوتر والانضمام لمجموعات الدعم ضرورياً في كل الأمراض النفسية.
التوتر
لا شك أن التصلب اللويحي بحد ذاته يعد مصدراً كبيراً للتوتر، وخاصةً عند محاولة التنبؤ بموعد الهجمة القادمة. كما أن التصلب اللويحي قد يؤدي لتغيّرات كبيرة في حياة المريض كعدم القدرة على الحركة أو العمل، وهذا من مصادر التوتر أيضاً.
هذا ويذكر المصابون بالتصلب اللويحي أن أعراضهم تكون أشد عندما يكونون متوترين، وتخف عندما يزول توترهم. إذ يضعف التوتر المزمن جهاز المناعة ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والاكتئاب. لذا من الضروري تطبيق التالي:
- حاول تشتيت انتباهك وإشغال نفسك عند الشعور بالتوتر
- عُد بشكل عكسي من الرقم 100
- تكلم مع نفسك بصوتٍ عالٍ وحاول تهدئتها
- قلل من شرب القهوة والمواد الحاوية على الكافيين
- تعلّم تمارين التنفّس العميق والاسترخاء
المزاجيّة وسرعة التهيّج
قد تظهر المزاجية وَحِدّة الطباع بشكل مفاجئ وسريع من دون سبب واضح. يلاحظ أفراد العائلة والمحيطين بك هذه الصفات، ويصفونها بأنها نوبات من الغضب والانفعال المفاجئ.
يمكن أن تكون هذه الأعراض ناتجةً عن الاكتئاب أو عن التصلب اللويحي بحد ذاته.
تشكل المزاجية تحدياً حقيقياً في العائلة، لذا قد يكون من الضروري إجراء الاستشارة الأُسريّة في ظل هذه التغيرات العاطفيّة الشديدة.
من الضروري جداً تشخيص حالتك هذه من قبل طبيب نفسي مختص وتحديد سببها. فإذا كانت ناتجة عن الاكتئاب فإن مضادات الاكتئاب تكون مثاليّة في ضبط حالتك النفسية. وإذا كان السبب غير ذلك فيمكن أن يصف لك الطبيب نوعاً آخر من الأدوية التي ستساعدك على تحقيق الاستقرار النفسي والتحكّم بتقلّباتك المزاجية الشديدة وضبط انفعالاتك.
الأعراض النفسية التالية أقل شيوعاً من سابقاتها في التصلب اللويحي، وهي تتضمّن:
النشوة
يعاني منها ما يقارب 13% من المصابين بالتصلب اللويحي، وخاصةً الحالات الشديدة والمتقدّمة. يشعر المريض بالسعادة بشكل غير واقعي (أي أنه يبدو سعيداً بشكل منفصل عن الواقع ومهما كانت الظروف المحيطة به) ويبدو غير مهتم بالمشاكل. يعود سبب هذا لاضطراب الإدراك وليس لاضطراب المزاج.
تصرّفات وسلوكيات شاذّة
يعاني منها قلّة من المصابين بالتصلب اللويحي. وتعني القيام بتصرفات غير لائقة دون الاكتراث للعادات والآداب المجتمعية ولا للقوانين العامة، وأشيعها التصرفات الجنسية غير اللائقة. ينتج ذلك عن تخريب التصلب المتعدد للمراكز المسؤولة عن ضبط هذه التصرفات في الدماغ، وقد تكون ناتجةً عن اضطراب الإدراك الذي يرافق الإصابة بالتصلب اللويحي. لا علاقة للمريض بهذه التصرفات إطلاقاً، وهي خارجة عن إرادته وتحكّمه، ولا تدل على سوء أخلاقه.
من الصعب علاج هذه التصرفات. ويحتاج المريض عادة تناول بعض الأدوية النفسية وإجراء العلاج النفسي المناسب.
الهلوسات والأوهام (أعراض ذهانيّة)
تُصيب 2-4% من مرضى التصلب اللويحي (أي أكثر بـ2-3 أضعاف بالمقارنة مع الأشخاص العاديين)، وخاصة النساء. تحدث هذه الأعراض بعد أعراض هجمة التصلب اللويحي.
تتضمن الأعراض الذُهانية -بالإضافة للهلوسات والأوهام- كلاً من اضطرابات النوم وجنون العظمة والتخليط الذهني.
تعالج هذه الأعراض بالريسبيريدون وغيره من الأدوية النفسية المضادة للذهان.
أما بالنسبة للأمراض النفسية التي تصيب مرضى التصلب اللويحي فسنذكرها تالياً.
كما ذكرنا في الأعلى فإن الاكتئاب (أو ما يدعى علمياً بالاضطراب الاكتئابي الكبير Major Depressive Disorder) واضطرابات القلق المتنوعة هي أشيع الأمراض التي يعاني منها المصابون بالتصلب اللويحي. ولكن هناك أمراضاً نفسيّة أخرى أقل شيوعاً، وتتضمن:
ثنائي القطب
إن خطر الإصابة بثنائي القطب عند المصابين بالتصلب اللويحي أكبر بمرتين منه عند غير المصابين بهذا المرض. تحدث الأعراض الهوسية عادةً قبل ظهور أعراض هجمة التصلب اللويحي أو أثناءها.
بينما يعاني ثُلث المرضى المصابين بالتصلب اللويحي من أعراض هوسيّة (مزاج مرتفع) ناتج عن تناول الأدوية.
يمكن علاج ثنائي القطب بدواء الليثيوم أو الأولانزابين أو الفينتوئين، ولا يؤثر ذلك على مرض التصلب اللويحي إطلاقاً.
تعاطي المخدرات أو الكحول أو المواد المخدّرة
وجدت إحدى الدراسات أن 43% من مرضى التصلب اللويحي تعاطوا الأفيون مرة في حياتهم على الأقل، معظمهم بهدف تخفيف أعراض التصلب اللويحي، وخاصة الألم والتشنّجات العضلية. كما ذكرت أن 71% من مرضى التصلب اللويحي لن يترددوا في تعاطي الأفيون -رغم ضرره- إن كان موصوفاً لهم.
ولكن لوحظ أن تعاطي الأفيون يترافق مع زيادة احتمال حدوث الاضطرابات المعرفية والاكتئاب والذُهان لدى مرضى التصلب اللويحي. لذا من الضروروي تجنّبه وطلب العون من المرشد النفسي عند تعاطيه.
الاضطرابات المعرفيّة
وتتضمّن ضعف التركيز والذاكرة وتراجع القدرة على الحفظ ومعالجة المعلومات والتكلّم. يعاني 40-65% من مرضى التصلب اللويحي من أحد هذه الاضطرابات المعرفية. وتعالج هذه الأمراض بالأدوية عموماً.
التأثير البصلي الكاذب PBA:
ويعاني منه 10% تقريباً من المصابين بالتصلب المتعدد. حيث يعاني المريض من نوبات من الضحك أو البكاء (لا تتناسب مع الواقع والظروف المحيطة). قد يظن الآخرون أن ذلك ناتج عن الاكتئاب ولكن لهذا المرض سبب مختلف تماماً. ويمكن علاجه باستخدام دواء يدعى بـNuedexta، علماً أنه لم تثبت فائدة العلاج النفسي في هذا المرض.
ختاماً فإن الأعراض والأمراض النفسية شائعة في سياق الإصابة بالتصلب اللويحي MS. ورغم أنها لا تدل على شدّة المرض، إلا أنها تؤثّر على سير المرض وتسيء لنوعية حياة المريض. ولحسن الحظ فإن معظم هذه الاضطرابات يمكن علاجها سواءً بالأدوية النفسية المناسبة أو بالعلاج السلوكي المعرفي أو التكلّم مع المرشد النفسي المتخصص. ويبقى الانضمام لمجموعات الدعم وتقليل مصادر التوتر أساسياً في علاج معظم الأمراض النفسية.
يشبه التصلب اللويحي بأعراضه بعض الأمراض، ومن هذه الأمراض غيلان باريه. تعرّف في هذه المقالة على الفرق بين التصلب اللويحي وغيلان باريه من ناحية الأسباب والأعراض والخطورة
المصادر:
وسوم المقالة