عندما نذكر كلمة “مريض مصاب بمتلازمة داون” يخطر على بالنا دوماً صورة طفل أو مراهق صغير ذو تعابير وجهيّة مميزة. هل تساءلت يوماً لماذا لا نرى أشخاصاً مصابين بمتلازمة داون بأعمار متقدّمة؟
ذلك لأن هؤلاء الأشخاص يعانون من تشوهات خلقية عديدة وخاصة في القلب تجعلهم يعيشون فترةً أقصر من غيرهم. لذا سنجيب في هذه المقالة عن السؤال الذي يخطر على بال الكثير من أهل وأقارب المصابين بمتلازمة داون، وهو “كم يعيش مريض متلازمة داون؟”. وسنشير أيضاً إلى العوامل التي تؤثر في هذه المدة.
كم يعيش مريض متلازمة داون؟
تحسّنت المدة التي يعيشها مرضى متلازمة داون كثيراً. فقد ارتفعت من 25 سنة فقط في عام 1983 إلى 60 سنة في عام 2018. حتى أن البعض منهم يعيش حالياً لأواخر الستينيات أو أواسط السبعينيات.
عموماً هناك خاصية عند الإلقاح واندماج النطفة بالبيضة بحيث يتخلّص الرحم من أي مضغة تحتوي شذوذات صبغية. أي أن الجنين الذي يحتوي على شذوذات صبغية يتم إسقاطه في الأيام الأولى قبل أن يعشش في الرحم حتى. وهذا ما يحدث غالباً عند الحمل بجنين مصاب بمتلازمة داون.
ولكن 25% من الأجنة المصابين بمتلازمة داون لا يتم إسقاطها وتعشش في الرحم وتكمل الحمل حتى الولادة. ومن هؤلاء -أي من ضمن الذين ولدوا فعلاً ومعهم متلازمة داون- سيموت 5-7% منهم خلال السنة الأولى من العمر. وسيموت 12% تقريباً خلال أول 20 سنة من حياتهم.
ما هي العوامل التي تؤثر في المدة التي يعيشها المصاب بمتلازمة داون؟
1- وزن الطفل عند الولادة
يبلغ الوزن الطبيعي للطفل عند ولادته 2.5-4 كلغ. ولكن إذا وُلد الطفل المصاب بمتلازمة داون بوزن أقل من 1.5 كلغ فهذا يزيد من احتمال وفاته خلال الشهر الأول بـ24 ضعفاً. وذلك بالمقارنة مع الأطفال المصابين بمتلازمة داون والذين وُلدوا بوزن طبيعي.
2- الإصابة بالتشوهات القلبية
يعاني 40% من المصابين بمتلازمة داون من عدة تشوهات قلبية خلقية. فإذا كان الطفل المصاب بمتلازمة داون يعاني من أي تشوه في القلب فهذا يزيد احتمال وفاته خلال السنة الأولى 5 أضعاف.
أي أن التشوهات القلبية هي أهم أسباب الوفاة الباكرة.
3- القدرات المعرفية والوظيفية وسرعة تدهورها مع التقدم بالعمر
يعاني مرضى داون من سرعة في الشيخوخة، أي أن قدراتهم المعرفية والعقلية تتراجع بشكل أبكر من غيرهم. حيث يعاني الكثير من المرضى من مرض ألزهايمر بعمر 40 سنة فقط.
هذا التراجع المبكّر يدل على اقتراب الوفاة. فكلما تأخر تراجع القدرات العقلية عاش مريض متلازمة داون فترة أطول.
تتضمن الاضطرابات العصبية التي تحدث في نهاية حياة مريض متلازمة داون كلاً من ألزهايمر (الذي يحدث عند 75% منهم) والخرف وصعوبة الحركة وضعف الرؤية والصرع.
4- دخول المشفى ودور الرعاية
لوحظ أن المدة التي يتوقع أن يعيشها المصاب بمتلازمة داون تقل إذا قضى فترات طويلة من حياته في المستشفى أو في دور الرعاية.
وهذا أحد أسباب تحسّن العمر المتوقّع لمريض متلازمة داون في السنوات الأخيرة. وذلك من خلال دمجه بالمجتمع وتقليل إدخاله مراكز الرعاية الصحيّة إلا عند الضرورة.
5- درجة العناية الصحية وتطوّرها وجودتها
فكما سنرى بعد قليل، يعاني المصاب بمتلازمة داون من العديد من المشاكل الصحية التي تحتاج عناية خاصة وأحياناً عمليات جراحية لإصلاح التشوهات القلبية.
6- العِرق
أهم أسباب وفاة الطفل المنغولي
- الأخماج التنفسية والتشوّهات التنفسية والأمراض التنفسية الأخرى
- التشوهات القلبية الخلقية (هو أهم أسباب الوفاة الباكرة عند الطفل المنغولي)
- رتق المريء مع/بدون ناسور بين المريء والرغامى
- داء هيرشبرنغ
- رتق العفج
- سرطان الدم (اللوكيميا)
يُذكر أن عمر الوفاة الوسطي هو أواسط الخمسينيات.
أهم الأمراض المترافقة مع متلازمة داون والتي تؤثر على نوعية الحياة
1- زيادة احتمال حدوث الإنتانات والأخماج
وذلك بسبب ضعف المناعة النسبي عند هؤلاء. بالإضافة إلى أن ضيق الطريق التنفسي يزيد من احتمال انسداده، والذي بدوره يؤدي إلى التهاب أذن وسطى متكرر. يؤدي هذا أيضاً إلى نقص الأكسجة، وارتفاع الضغط الرئوي، وقصور القلب.
2- سرطان الدم (اللوكيميا)
3- أمراض الغدة الدرقية
4- أمراض المناعة الذاتية
5- الصرع
6- انسداد الأمعاء
7- عدم ثباتية في العمود الفقري الذي قد يؤدي إذا لم يكتشف إلى أذية دائمة في النخاع الشوكي
8- ضعف السمع والرؤية الذي قد يؤثر على أداء الطفل في المدرسة وخارجها
بعض الأسئلة الشائعة عن متلازمة داون
يستطيع مرضى متلازمة داون الإنجاب ولكن ذلك نادر وصعب وخاصة عند الذكور. حيث أن 15-30% من الإناث المصابات بمتلازمة داون يستطعن الإنجاب، وعند الإنجاب فإن احتمال إصابة طفلهن بمتلازمة داون مرتفع وهو حوالي 50%. بينما نسبة الذكور المصابين بمتلازمة داون والذين يستطيعون الإنجاب أقل من ذلك بكثير، ويمكن اعتبارهم عقيمين. ويعود ذلك عادةً لخلل في تكوين النطاف، ويمكن أن يكون نتيجة نقص الرغبة الجنسية.
ختاماً
تذكّر أن الأرقام السابقة مأخوذة من إحصائيات متنوعة في بلدان مختلفة، ولا شك أنها تختلف كثيراً باختلاف النظام الصحي وجودته وتطوّره في بلدك. كما أن هذه الإحصائيات قد تصبح قديمة مع مرور الوقت، ولا شك أن طرق العلاج في تطوّر مستمر، فخذ ذلك بعين الاعتبار.
كما عليك الانتباه إلى أن الأرقام السابقة هي مجرّد إحصائيات ولا يمكن أن تحدد بدقّة المدة التي يعيشها المصاب بمتلازمة داون. وغرضها الوحيد هو رسم صورة تقريبية لمستقبل حياته. إذ أن كثيراً من المرضى عاشوا أكثر من المدة المتوقعة. فإذا أردت معرفة المدة التي سيعيشها ونوعية حياته خلالها فاستشر الطبيب المشرف على حالته، فهو الأدرى بتفاصيل صحته.
المصادر:
- Medscape-What is the prognosis of Down syndrome
- CDC-Data and Statistics on Down Syndrome
- Medscape-How does Down syndrome affect fertility
وسوم المقالة