يُستخدم مصطلح نسبة أو معدّل البقيا في كثير من الأمراض الخطيرة، وخاصة في السرطان وقصور القلب وتليف الرئة وغيرها، لتقدير المدة التي يتوقع أن يعيشها المريض. فإذا كنت -أو كان أحد معارفك- مصاباً بأحد هذه الأمراض وسمعت بمصطلح نسبة البقيا فلا شك أنك تساءلت عن معناه ودلالته. لذا سنوضّح ذلك في هذه المقالة.
أولاً: ماذا تمثّل نسبة البقيا أو ما هو تعريفها؟
نسبة البقيا هي نسبة الأشخاص الذين يبقون على قيد الحياة بعد مضي فترة معيّنة من تشخيصهم بالإصابة بمرض ما أو بدء علاج معيّن أو غير ذلك.
فمثلاً إذا كانت نسبة البقيا لـ5 سنوات لمرض ما هي 30%، فهذا يعني أن 30% من المرضى المصابين بهذا المرض سيكونون على قيد الحياة بعد مضي 5 سنوات على تشخيصهم بهذا المرض. بينما سيكون 70% منهم قد توفوا خلال هذه السنوات الخمس.
انتبه إلى أن ذلك لا يعني أن المريض سيعيش 5 سنوات فقط، بل يعني أن 30% من المرضى كانوا أحياءً بعد مضي 5 سنوات، ولا نعرف تماماً كم سيعيشوا.
بطريقة أخرى يمكنك اعتبار معدل البقيا هو احتمال البقاء على قيد الحياة لفترة معينة. ففي المثال السابق مثلاً حيث كانت نسبة البقيا لـ5 سنوات 30%، ذلك يعني أن احتمال بقاء المصاب على قيد الحياة حتى 5 سنوات هو 30%.
وهكذا كلما كانت النسبة أعلى كان احتمال البقاء على قيد الحياة أكبر، وكانت المدة التي يتوقع أن يعيشها المريض أطول.
مثال:
تبلغ نسبة البقيا لسنة واحدة في سرطان الرئة 33%. فهذا يعني أن 33% من المرضى سيكونون على قيد الحياة بعد مضي سنة واحدة على تشخيصهم بسرطان الرئة. بينما سيتوفى 67% منهم خلال سنة واحدة.
بينما يبلغ معدل البقيا لـ5 سنوات في سرطان الرئة 17%، ويبلغ لـ10 سنوات 5% فقط.
وبالمقارنة مع بعض الأمراض الأخرى:
- تبلغ نسبة البقيا لـ5 سنوات في الإيدز 67%
- بينما معدل البقيا لـ5 سنوات في سرطان البروستاتا 98% تقريباً
- وأخيراً في سرطان المعدة يبلغ معدل البقيا لـ5 سنوات 31.5%
وهكذا من ضمن الأمثلة السابقة يمكننا ملاحظة أن سرطان الرئة هو الأخطر إذ لا يبقى على قيد الحياة بعد 5 سنوات إلّا 17%. بينما سرطان البروستاتا هو الأقل خطورة لأن كل المرضى تقريباً يكونون أحياء بعد 5 سنوات.
ثانياً: ما الفائدة من معدل البقيا وبماذا يستخدم؟
مما سبق يمكنك ملاحظة أن معدل البقيا يستخدم للمقارنة بين مرض وآخر وتقدير خطورة هذا المرض على الحياة. فكلما كان أعلى كان المرض أفضل من غيره.
كما تستخدم للتنبؤ بالمدة التي يتوقع أن يعيشها المريض. وتستخدم أيضاً للمقارنة بين أنواع العلاج المختلفة وتحديد أيها أفضل للمريض.
فمثلاً بالعودة لمثال مرض الإيدز، إليك الفرق بين نسب البقيا مع أو بدون علاج:
بدون علاج | مع العلاج | |
---|---|---|
نسبة البقيا لسنتين | 48% | 87% |
نسبة البقيا لـ4 سنوات | 26% | 86% |
نسبة البقيا لـ6 سنوات | 18% | 78% |
وهكذا من الواضح أن العلاج (بمضادات الفيروسات) يحسّن نسبة البقيا كثيراً.
يمكن بنفس الطريقة مقارنة طرق العلاج المختلفة لتحديد الأفضل. حيث تجرى في البداية دراسات واسعة بهدف تحديد معدل البقيا لكل طريقة من العلاج، ومن ثم يمكن مقارنة الطرق المختلفة من ناحية معدل البقيا.
ثالثاً: ما هي أنواع نسب البقيا؟
لا شك أنك لاحظت مما سبق أن هناك نسبة بقيا لـ5 و6 و8 و10 سنوات.
وفي الحقيقة يمكن أن يكون هناك معدل بقيا لأي مدة زمنية كانت. وما يحدد ذلك هو درجة خطورة المرض.
فيمكن مثلاً في سرطان البروستاتا (وهو من السرطانات منخفضة الخطورة) الحديث عن نسبة البقيا لـ20 سنة، إذ من الشائع جداً أن يعيش المريض 20 سنة.
أما في سرطانات خطيرة مثل سرطان الرئة فإن نسبة البقيا لـ10 سنوات لا تتجاوز 5% في أفضل الحالات، لذلك من غير المعقول أن يبقى مرضى سرطان الرئة على قيد الحياة بعد 20 سنة.
رابعاً: لماذا هذا التعقيد؟ لماذا لا نقول للمريض المدة التي يتوقع أن يعيشها فحسب؟
من الصعب في الدراسات التي تقوم بحساب نسبة البقيا متابعة المريض حتى وفاته، فالبعض يعيش فترات طويلة والبعض الآخر يعيش فترة قصيرة، والبعض يتوفى بسبب آخر غير مرضه موضع الدراسة، كما أن هناك الكثير من المتغيّرات التي تجعل من حساب المدة التي يتوقع أن يعيشها المريض صعباً جداً.
وهكذا فإن هذه الدراسات تحدد نقطة زمنية معينة وتحدد إن كان المريض حياً عند بلوغ هذه النقطة أم توفي خلالها. وهو ما يُدعى بنسبة البقيا.
ولا يفضل تحديد مدة زمنية يتوقع أن يعيشها المريض، لأن ذلك عرضة للكثير من التغيرات حسب حالة كل شخص وظروفه الصحية وغير الصحية. فكل الدراسات تهدف لرسم صورة تقريبية لحياة المريض والمدة التي يتوقع أن يعيشها، ولكنها لا تحدد بدقة هذه المدة.
خامساً: ما هي طرق قياس المدة التي يتوقع أن يعيشها المريض غير نسبة البقيا؟
كما ذكرنا فإن معدل البقيا هو الأدق والأكثر استخداماً بين الأطباء.
ولكن يمكن أيضاً إيجاد متوسّط البقيا، وهي المدة الوسطية التي يتوقع أن يعيشها المريض. بمعنى أنها المدة التي يكون فيها نصف المرضى قد توفوا ونصفهم لا يزالون على قيد الحياة.
فمثلاً إذا قلنا أن متوسط البقيا لمرض ما هو 17 شهراً فهذا يعني أن 50% من المرضى سيكونون أحياء بعد مضي 17 شهراً و50% منهم سيكونون قد توفوا خلال هذه المدة.
ولكن متوسط البقيا أقل استخداماً بكثير من نسبة البقيا.
وفي الختام، نذكر دوماً أن كل ما سبق هي مجرّد إحصائيات وأرقام نتجت عن دراسات كثيرة، ولكنها قد لا تحدد بدقة المدة التي يتوقع أن يعيشها المريض، وخاصة بوجود الكثير من المتغيرات. ولذلك من الأفضل استشارة الطبيب المشرف فهو الأدرى بتفاصيل المرض وتأثيره على الحياة.
كما يفضّل البعض -بعد تشخيصهم بمرض خطير- عدم الالتفات للأرقام والإحصائيات، وإشغال أنفسهم بما هو أهم من ذلك. فقد لا تزيدهم هذه الإحصائيات إلا تشاؤماً وكآبةً. لذا يجب ألّا تكون مهووساً بهذه الأرقام وأن تركّز على نفسك وصحّتك.
لمزيد من المعلومات عن السرطان والمدة التي يتوقع أن يعيشها المصاب به اقرأ المقالة التالية:
كم يعيش مريض السرطان؟ وما هي العوامل التي تؤثر في هذه المدة وكيف يمكن إطالتها
يصاب تقريباً 5 من بين كل 10000 شخص بالسرطان، ويموت ثُلث هذا العدد بسببه. وبشكل عام فإن وفيات السرطان هي ثاني أشيع سبب للوفاة بعد أمراض القلب والأوعية.
ولكن تختلف أنواع السرطان كثيراً من حيث خطورتها والمدة التي يتوقع أن يعيشها المصاب بها. ولحسن الحظ فإن هناك بعض السرطانات التي يمكن الشفاء التام منها، وهذا ما سنتعرّف عليه في هذه المقالة.
وإن كان لديك أي استفسار فيمكنك دوماً التواصل معنا أو ترك تعليق بسؤالك.
وسوم المقالة